يطلّ علينا الربيع في كل عام حاملاً مناسبات حافلة، ومن أولها اليوم العالمي للمرأة
الموافق الثامن من مارس (آذار). ففي ذلك اليوم المشهود من عام 1908، طالبت المسيرة التي ضمت آلاف النساء في نيويورك بالحقوق الإنسانية المشروعة للمرأة، محتجّات على الظروف اللا إنسانية في العمل ومطالبات بتخفيض عدد ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. وهكذا بدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأة الأمريكية تخليداً لمظاهرات نيويورك. كما ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوروبية إلى تخصيص هذا اليوم كيوم عالمي للمرأة في أوربا أيضاً.
وفي عام 1977، أصدرت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم في السنة للاحتفال بالمرأة، فكان الاختيار الغالب هو الثامن من مارس. كما أصدرت الأمم المتحدة قراراً دولياً في سنة 1993، ينص على اعتبار حقوق المرأة جزءً لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان العالمية (بتصرّف عن شبكة النبأ). مع كل هذا مازالت المرأة العربية حتى اليوم، تعاني من الكثير من التقاليد والعادات الموروثة البالية التي تحطّ من قيمة المرأة.
تُوَجّه العديد من الانتهاكات والإساءات والعنف في جميع أشكاله وصوره إلى المرأة في جميع مراحل حياتها، فمن الختان في الطفولة، إلى العنف الجسدي واللفظي والإساءات والتحرشات الجنسية والعنف الجنسي والطلاق، إلى جرائم الشّرَف والحرمان من التعليم وعدم تكافؤ الفرص في العمل، ... إلى ما هنالك من سلوكيات مهينة لقيمة المرأة كفرد كامل بذاته. وتتراوح الآثار السلبية والناتجة عن ذلك من خوف وألم وإحباط واكتئاب، إلى كل الإعاقات النفسية مروراً بالجرائم المختلفة. وفي دراسة أجريت على مدار سنة كاملة (1995 – 1996) ثبت أن 55 % من النساء تعرّضنَ للعنف الشديد من أحد أفراد الأسرة، هذا إلى جانب دراسات أخرى كثيرة بيّنت أن النساء في مصر والبلاد العربية والشرق أوسطية يتألّمنَ ولا يتكلّمنَ وحياتهنّ عبارة عن سلسلة من المآسي المتصلة. وفي بعض الدراسات الأخرى أقرّت 80 % من العيّنة أنه قد تمّ ضربهنَ من قبل أزواجهنّ (فاطمة الزيناتي وأُخريات، المركز المصري الديموغرافي).
وأثبتت الإحصائيات من مختلف الدول العربية عن وجود ممارسات العنف باختلاف أشكالها، مروراً بالمجتمعات الريفية والبدوية إلى المجتمعات المدنية، فيمارس ضد المرأة مختلف أشكال التمييز والتخويف والتهميش الاجتماعي والاقتصادي. وتواجه نساء كثيرات أردأ الظروف وأقساها، وعليهنّ أن يتعلّمنَ التعايش مع هذه الظروف والإساءات بدون أي مساندة أو مساعدة ودعم، مع العلم أن القانون الدولي الإنساني الذي مرّ على وضعه 60 عاماً، يتضمن أحكاماً محددة وواضحة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة، تحمي المرأة في جميع مراحلها العمرية وخاصة عندما تكون حاملا أو أُماً لأطفال صغار. (بتصرّف عن حقوق الإنسان .........). ومازالت المرأة تحاول أن تعبِّر عن قضاياها الخاصة والعامة والهامة والمصيرية، وتكافح للوصول إلى مستوى معين من الحقوق في الكرامة والمساواة، التي تضمن لها العيش اللائق والحياة الإنسانية المحترمة .
بينما نتّحد مع أصوات ملايين النساء في العالم في كل عام حين تتجدد المطالب بحقوق المرأة، نطالب نحن أيضاً أن لا تبقى الاحتجاجات والمطالب حبراً على ورق وأن لا يطوي هذه الاحتياجات الإهمال والنسيان، وأن يُعطى كل ذي حقٍ حقه. (أعطوها من ثمر يديها سِفر الأمثال 31: . كذلك يقول الكتاب المقدس في رسالة كورنثوس الأولى 11: 11 - 12. وأيضاً في رسالة بطرس الأولى 3: 7. فأنتِ كأمرآة عليكِ أن تدركي قيمتك الحقيقية كإنسان لكِ مطلق الحقوق الإنسانية، وأن ينمو لديك الوعي بالذات لتفهمي جذور مشكلاتك الحياتية، وحتى تعرفي كيف تواجهي تحدياتك العملية نحو نمو أكبر ونضج أعمق، يثمر في شخصيتك وعلاقاتك وفي تربيتك للأجيال القادمة.